خريطة انتشار المصانع غير المرخصة في ١٤ شارع بالمنطقة
تقول سلوى كمال، أستاذ باحث بقسم بحوث تلوث الهواء بالمركز القومى للبحوث، إن زيادة نسب غازات ثانِ أكسيد الكبرىت وثانىِ أكسيد النيتروجين عن الحدود المسموح بها يؤثر على الجهاز التنفسى ويصيب الإنسان بحساسية العين والجلد، مضيفة أن الجسيمات العالقة في الهواء محملة بتركيزات عالية من الغازات، فهى أتربة دقيقة جدا تدخل إلى الرئتين، ثم تتدفق مع الدم، وتصيب بالتحجر الرئوى والتهابات الغشاء البلورى نتيجة للأتربة المختلطة بالسليكون، وهى من أخطر الملوثات التى تسبب أمراض التحجر الرئوى.
يؤكد على ذلك، طه الصباغ استشارى الرصد البيئى ومعالجة المخلفات، ويوضح أن زيادة غاز أول أكسيد الكربون على الحدود المسموح بها في القانون ٩ لسنة ٢٠٠٩ ناتج عن الحرق غير التام للوقود الكربوني، وهو غاز سام تأتى سميته من كونه معقدًا مع هيموجلوبين الدم ويصعب التفكك ما يؤدى للاختناق ويصيب الجسم بالهذلان، ويضع الجسم في حالة مختزلة وكل وظائف الجسم تصبح سالبة.
ويضيف الصباغ إن الجسيمات العالقة قابلة للاستنشاق أى يمكنها التغلغل في الرئتين ما يسبب الأمراض الصدرية وتزداد الخطورة في حالة «تآزر الغازات» أى الاختلاط مع غازات ثانى أكسيد الكبرىت، لتؤدى ما يسمى بالتأثير «المتآزر» حيث يعزز كلًا من الملوثين سمية الأخر على عكس إذا تم التعرض إلى ملوث مفرد لأى منهما، وهذا ينطبق مع كل الحالات التى تعانى من أزمات ربوية وحساسية الصدر والسدة الرئوية المزمنة.
عزيزة السيد، رئيسة حى شرق شبرا الخيمة السابق، تقول إن المصانع بدأت قديما في صناعة الأحذية البلاستيكية الخفيفة، عن طريق كسارة ومكبس (أدوات تستخدم في تصنيع وتطويع البلاستيك وتشكيلة لصناعة الأحذية) وكانت الروائح الصادرة عنها بسيطة وأقل ضررًا على البيئة. ولكن مع زيادة وتيرة العمل وعدد المصانع تحولت المنطقة إلى مركز صناعى كبير -غير قانوني- تستخدم فيه خامات أولية رديئة، زادت من انبعاث الروائح الكريهة والأدخنة الضارة.
في ٢٠١٧ قدمت النائب ثريا الشيخ طلب إحاطة إلى وزارة البيئة، بشأن الأضرار الناتجة من مصانع البلاستيك في شبرا الخيمة، وردت وزارة البيئة في فبراير ٢٠١٧، بأنها شنت حملات على منطقة «الوحدة العربية» في ٣٠ ديسمبر ٢٠١٥، وحررت خلالها أربعة محاضر بيئية بالمخالفات لمصانع وورش صغيرة أما باقى الورش فأغلقت أبوابها هربا من حملات التفتيش.
ولكن حتى إغلاق تلك المصانع والورش لم يعد ممكنا، ولم تعد تستطيع إدارات البيئة إجراء ذلك بعد إصدار قانون «تسيير الإجراءات الصناعية» لسنة ٢٠١٧.
المنزل للبيع
بجوار لافتة علقها على باب منزله وكتب عليها «المنزل للبيع»، وقف رمضان شهاب، صاحب ٥٥ عامًا، يقول إنه عرض منزله للبيع للهرب من مصانع البلاستيك التى تحيط منزله من كل جانب، ويتهمها بالتسبب في إصابة أربعة من أبناء عائلته بأمراض صدرية خطيرة. ابنة شقيق رمضان «شيماء عامر» جلست لتروى عن إصابة ابنتها «مريم» بحساسية على الصدر: «طول الليل تصحى تقول مش عارفه اتنفس يا ماما»، نصحتها الطبيبة بترك المنطقة والرحيل بعيدا عن أدخنة مصانع البلاستيك في شبرا حتى تتحسن حالة ابنتها.