ألف حالة وفاة سنويا بسبب حوادث الطرق»، بهذا الرقم يكشف الدكتور خالد مصطفى الخبير فى مجال سلامة الطرق، عن حجم المأساة التى يعيشها المصريون بسبب الحوادث التى تصل خسائرها إلى ما يقرب من 50 مليار جنيه فى العام، ويتوقع مصطفى، الذى نشر عدة أبحاث فى مجال أمان السيارات، فضلا عن أن له خبرة خمس سنوات فى مجال تحليل حوادث السيارات لأهداف قضائية من خلال عمله كمهندس قانونى، ارتفاع عدد الوفيات بسبب الحوادث إلى 24 ألف حالة بعد عشر سنوات إذ الأوضاع على حالها.
خالد مصطفى الحاصل على الدكتوراه فى مجال سلامة الطرق، والذى حلل أكثر من 500 حادث خلال خمس سنوات، يحدد مفهوم «سلامة الطرق» فى ثلاثة محاور أساسية، فشل أحدها يؤدى إلى وقوع الحوادث، موضحا أن المنظومة السلامة تتكون من منظومة الطريق والمركبة ثم قائد السيارة أو الإنسان عامة، مبينا أن «الحادث أو التصادم هو فشل فى المنظومة، التى من أهم أهدافها الأمان وبعدها الكفاءة»، مشيرا إلى أن أسباب الفشل تنتج «إما من الطريق أو البيئة المحيطة أو من قائد السيارة أو من المركبة».
وعن تقييمه لنسبة الأمان فى الطرق المصرية، أوضح أن ما يتم حسابه هو عامل المخاطرة فى الطريق، عن طريق حساب عدد الوفيات لكل 100 مليون ميل تقطعه المركبات فى بلد ما، مشيرا إلى أن هذا العدد فى مصر هو الأعلى على مستوى العالم، موضحا «عدد الوفيات بالنسبة لكل 100 مليون ميل تقطعها المركبة فى مصر يصل إلى 20 وفاة»، مؤكدا أن هذا الرقم تقريبى لأنه لا توجد احصائيات بعدد الأميال التى تقطعها السيارات، لافتا إلى أن هذ العدد فى عام 1950 بالولايات المتحدة كان 7 أشخاص، وانخفض الآن إلى شخص واحد فقط، ووصل فى دول أوروبية إلى نصف شخص، أما الدول الأقل تقدما، مثل كوريا الجنوبية فيبلغ فيها الرقم ثلاثة أشخاص.
ويوضح مصطفى «ماذا يعنى أن يكون العدد 20 أو 1؟، يعنى أن المخاطر التى يواجهها السائق فى مصر هى 20 ضعف السائق فى أمريكا اليوم»، مشيرا إلى أن «هذا الرقم شبه ثابت فى مصر منذ فترة، ولو اشتغلنا على تحسين سلامة الطرق فى مصر لمدة عشر سنوات من الآن، وخفضنا الرقم من 20 إلى 7 سنكون متخلفين عن أمريكا 70 سنة».
وعن تكلفة إصلاح منظومة الطرق، قال مصطفى: «فى ظل الظروف الحالية يصعب تصور التكلفة، لكن الخسائر الاقتصادية لحوادث الطرق يمكن أن تقدر من 30 إلى 50 مليار جنيه سنويا.. بالتالى عندما نفكر فى حجم الاستثمارات التى نريد أن نضعها فى هذا المجال، فلابد أن نضع هذا الرقم فى مخيلتنا لتحديد ميزانية المشاريع المطلوبة».
وعن رأيه فى حادث قطار أسيوط، وما تم تداوله من معلومات حوله، رفض خبير سلامة الطرق تقديم أى تقييمات، مبررا ذلك بأنه «لابد من تحقيق يكون على مستوى علمى وهندسى وليس مجرد واحد يتساءل ولا توجد لديه قدرات على التحليل».
وقال مصطفى: «لابد من متخصص فى تحليل الحوادث، وهؤلاء غير موجودين بالمستوى المطلوب فى مصر، هناك بعض أساتذة الجامعة متخصصون فى هذا المجال لكن تنقصهم الخبرة العملية، كما أن الدراسة فى هذا المجال نادرة وتقتصر على مادة فى كلية الهندسة قسم ميكانيكا سيارات».
وأشار إلى أنه حلل أكثر من ألف حادث فى الولايات المتحدة، بعمق لا يحدث فى مصر، من حيث التحليل الهندسى والمحاكاة من خلال برامج كمبيوتر مخصصة لهذا الغرض.
وأوضح أن حل مشكلة تحليل الحوادث يكمن فى اتجاهين، الأول تدريب المهندسين وفق مستوى علمى وهندسى عال، بالإضافة إلى تدريب العاملين فى المرور.
ولفت إلى أن الشرطة فى أمريكا لديها مستويات فى تحليل الحوادث، أولا تحليل الحادثة العادية، وفيها فلابد أن يحصل الشرطى على تدريبات شبه هندسية بحيث يتمكن من إجراء الحسابات اللازمة وهذا محلل العادى، وهناك محلل الحادثة التى يكون بها وفيات.
وأنهى خبير سلامة الطرق، الدكتور خالد مصطفى، حديثه لـ«الشروق» بقوله «لتحقيق سلامة الطرق لابد من إثبات الإرادة السياسية، وهى حتى الآن كلام بدون أفعال، ولابد أن تتغير الثقافة القدرية فى مصر، ففى حادثة مثل أسيوط لا يجب أن نحزن، بل لابد أن نغضب، فالحادثة ليست قضاء وقدرا فقط ولو أن الحكومة تنوى أن تنتهج مثل هذه السياسة فعليها أن تعلن هذا».